تعتبر الفنانة الراحلة دولت أبيض هي إحدى رائدات المسرح العربي، ومن أشهر الفنانات اللاتي جسدن دور الأم والجدة في السينما المصرية، هي المرأة القوية والارستقراطية في معظم أدوارها على الشاشة، وامتد حتى بلغت من العمر 82 عامًا

"دولت حبيب بطرس قصبجي"، هو الاسم الحقيقي للفنانة الراحلة التي ولدت في 29 يناير عام 1896 بأسيوط، وكانت والدتها روسية الأصل، أما والدها فكان مترجمًا بوزارة الحربية في السودان، وهناك تعلمت "دولت" بمدرسة الراهبات بالخرطوم.

عرفت طريقها إلى التمثيل أثناء الدراسة، وكانت تؤدي الأدوار بالإيطالية والعربية والإنجليزية، ولم يخطر على بالها في ذلك الوقت احتراف التمثيل، لكنها أصبحت واحدة من أشهر الأمهات في تاريخ السينما المصرية، ومن أبرز أفلامها "زينب" و"أولاد الذوات" و"الوردة البيضاء" و"الشيخ حسن" و"غرام الأسياد" و"إمبراطورية ميم" وغيرهم

تزوجت مرتين الأولى في سن صغير وتوفي زوجها قبل أن تتم 23 عامًا، ثم تزوجت من رائد المسرح جورج أبيض، وأنجبت إيفون وسعاد.

عادت للعيش في بيت والدها، بعد وفاة زوجها الأول، ولم تكن وقتها احترفت التمثيل، وأثناء حضورها حفل زفاف قريبة لها، اكتشفها شقيق العريس الفنان عزيز عيد، وعن استقبالها لعرضه لاحتراف التمثيل قالت "عزيز عيد بص لأمه وقالها المسرح المصري تنقصه شخصية زي الست دي، والجملة دي ضايقتني جدًا قلت ايه اللي شافه فيا مبهرج وحسيت إنها إهانة".

وبعد ذلك اقتنعت برأي عزيز عيد، وهربت من أهلها للعمل بالفن، سافرت الإسكندرية، ولحق بها والدها، وعن هذا اللقاء قالت في حوار إذاعي : "رمى طربوشه في الأرض وبقى يعيط، ويقولي حرام عليكي تبهدلينا على آخر السنين، قالي انا متبري منك، وحصلت قطيعة كبيرة بينا

انتقلت بعد ذلك لفرقة الفنان نجيب الريحاني ولم تقض فيها سوى أربعة أيام فقط لعدم رغبتها في تقديم أعمال كوميدية، وحاول الريحاني إقناعها بالبقاء في فرقته، لكنه فشل فأرسلها إلى فرقة شريك حياتها فيما بعد، وأحد رواد المسرح المصري والعربي الفنان جورج أبيض، وكان عمرها آنذاك 23 عامًا.

برعت دولت في تقديم دور الملكات، وكان أول أدوارها في فرقة جورج من خلال مسرحية ''أوديب الملك''، حيث جسدت دور ''جوكاستا''، ومن بعدها باتت تقدم أدوار الشخصيات العظيمة والملكات، والمرأة الارستقراطية، وبعدما تم حل فرقة الزوج انتقلا سويا لفرقة عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي، حتى أصبحت أحد فناني الفرقة القومية المصرية عام 1935، براتب 35 جنيهًا، واستقالت منها في 1944.

بعد ترك الفرقة القومية قررت إنشاء مسرح، تحول فيما بعد لدار عرض سينمائية حمل اسم ''هونولولو''، وكانت قد أنشأتها دولت بمشاركة زوجها جورج، بالقرب من منزلهما في حدائق القبة، ولكنها احترقت، وذلك في شهر يناير عام 1952، في الحريق الذي عُرف باسم ''حريق القاهرة''.

يعد عام 1953 عام التحول في حياة "دولت أبيض"، ففي هذا العام اعتنقت الإسلام بدلًا من المسيحية مع زوجها وابنتيها سعاد وإيفون، ويقال إن من أسباب إسلامها الاستماع للآذان والقرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، وفي حديث إذاعي سابق، قالت إنها تقضي أوقاتها في تربية أحفادها والقراءة والاستماع للقرآن الكريم.

رحلت دولت عن عالمنا في نفس شهر ميلادها، في 4 يناير عام 1978.